عنوان
الكتاب: الخط الحديدي الحجازي "المشروع العملاق "للسلطان عبد الحميد الثاني"
تأليف: الاستاذ
الدكتور متين هولاكو
الناشر:
دار النيل/ القاهرة
ترجمة:محمد
صواش
السنة:
2011
صفحات:273
مراجعة:جوني
منصور
وإن جاءت
مشاريع مد السكك الحديدية متأخرة في الدولة العثمانية إلا أنها أثارت اهتمامًا
واسعًا في أوساط سياسيين ورجال أعمال(بمفهوم ذاك الزمان) وشرائح واسعة في المجتمع
العثماني المركب من شعوب وطوائف دينية ومذهبية. ويتمحور الحديث بشكل خاص عن مد
الخط الحديدي الحجازي من الشام وحتى الديار الحجازية. وفي حقيقة الأمر أن عدد
الأبحاث التي عالجت هذا الموضوع(الخطوط الحديدية) قليلة هي في المكتبة العربية،
وإن كانت هناك مبادرات في العقد الأخير لطرح الموضوع في اوساط الباحثين لما فيه من
اهمية تاريخية وتحليلية لمظاهر التغيرات والتحولات التي ساهمت الخطوط الحديدية في
إحداثها في قطاعات واسعة داخل الدولة العثمانية.
وبالرغم من
الصورة القاتمة والمعتمة التي الصقت بالسلطان عبد الحميد الثاني بكونه مستبدًا إلا
أنه كان صاحب رؤية شاملة في تطوير بلاده وفتح ابوابها على بعض المشاريع التي يمكن أن
توفر لها فضاءً من الانتفاح والتقدم، ومن جملة هذه اهتمامه بتطوير قطاع النقل وربط
بلاده مع اوروبا عبر شبكة حديدية. وشكل الخط الحديدي الحجازي أحد اهم مشاريع
السلطنة في عهده، حيث وفر تسهيلات في تنقل الحجاج المسلمين إلى الديار الحجازية
لأداء مناسك الحج. ومن جهة أخرى اعتبرت السكك الحديدية، بما فيها الخط الحجازي، من
أهم آليات الحرب التي لا يمكن الاستغناء عنها في فترة حرجة للغاية من الصراعات
السياسية والعسكرية التي كانت تحيق بالدولة العثمانية من كل حدب وصوب. ومن جهة
اخرى فإن هذا الخط، على وجه التحديد، قد عزّز سلطة وسيطرة الدولة العثمانية على
الأماكن البعيدة من منطلق تمكنها من ارسال فرقها العسكرية في حالات التمرد
والعصيان التي كانت تشهدها مناطق الحجاز واليمن البعيدة مسافات كبيرة عن مركز
الحكم في استنبول. ولا يمكن أن نتغاضى عن أهمية كون الخط الحديدي الحجازي قد رفع من
مكانة السلطان بصفته خليفة على المسلمين. ما ميّز عملية إنشاء هذا الخط أنه خط
اسلامي، بمعنى ان تأسيسه وتكاليفه وتسييره كانت من اموال المسلمين، إذ فتحت
السلطنة باب التبرع بكافة اشكاله لتجميع المبالغ اللازمة لإنشاء الخط. ولقد حققت
الدولة العثمانية نجاحًا هائلاً في هذه العملية حصريًا، إذ تدفقت مبالغ كبيرة على
هيئة إنشاء الخط، من البلاد الاسلامية المختلفة، بما فيها الهند. وهذا، كما يبين
ذلك صاحب هذا المؤلف، قد وضع الدول الكولونيالية في حالة من القلق والتوتر التي
كانت تعتقد أنها هي صاحبة الامتياز في إنشاء الخطوط الحيديدية في اي بلد كان، لكون
هذه الخطوط توفر خدمة مكثفة للمشاريع الاستعمارية التوسعية والاستثمارية التي تعود
بالفائدة على الدولة المستعمِرة. وبالرغم من ان كبير المهندسين في الخط الحجازي هو
مايسنر باشا(منحته السلطنة هذا اللقب تقديرًا) الماني الأصل إلا أن مهندسين
وتقنيين وعمال أتراك وعرب عملوا في إنشاء الخط، ما يدل على قدرة الدولة فيما لو
أتيحت لها الفرصة القيام بهذه المهمة. إذن، هذا خط إسلامي وعثماني بإمتياز كبير،
دليل استقلالية القرار السياسي والتطبيقي العثماني في ظل مرحلة تاريخية عصيبة كانت
تمر فيها الدولة وهي التي التصق بها اسم "الرجل المريض".
لا شك في أنّ
ردود الفعل الأوروبية لم تكن بنفس فرحة الدولة العثمانية بمولد هذا الخط، إذ أن
لهذه الدول حساباتها الاستعمارية المؤسسة على الربح الجشع، وعلى إخضاع البلاد
المستعمرة لأجنداتها السياسية والتوسعية والاقتصادية، وربط الدول الضعيفة بها بل
جعلها متعلقة بها بطريقة يصعب فيها تحررها من قيود هذا الاستعمار. وبناء على هذه
الحالة، والتي كادت الدولة العثمانية ان تقع بكليتها في مصيدة الاستعمار، جاء الخط
الحجازي ليطرح مشروعًا سياسيًا واقتصاديًا مغايرًا للمشروع الاستعماري الجشعي.
ولهذا أضيف سبب آخر لدفع الدول الاوروبية إلى التخلص من السلطان العثماني عبد
الحميد الثاني.
ولعب الخط
دورًا مركزيًا في نقل المسافرين والحجاج وخدمة التجار في نقل بضائعهم ومنتجاتهم من
منطقة إلى أخرى، وتقليل الفترة الزمنية التي كانت عملية النقل البري بالدواب
تستغرقها في الفترة السابقة لتشغيل هذا الخط. أضف إلى ان فوائد الخط تأكدت خلال
الحرب العالمية الاولى حين تمّ استعماله بالدرجة القصوى في نقل الجنود الاتراك
والالمان ومعداتهم وذخائرهم من منطقة إلى أخرى لمواجهة الجيش البريطاني وحلفائه
سواء على الجبهة مع سيناء او في العراق. ونتيجة لهذا الدور اللوجستي الهام الذي لعبه
هذا الخط خلال الحرب عملت بريطانيا بواسطة عملائها والمتعاونين معها من السكان
المحليين على تخريب مقاطع مركزية وهامة في الخط، مما أدى في نهاية المطاف إلى
تقصير مسافات تسيير الخط وخاصة في المرحلة الأخيرة من الحرب المذكورة.
ما يميز هذا الكتاب كونه يشكل إضافة
إلى ما قد سبقه من مؤلفات وبحوث ودراسات، حيث عمل مؤلفه في وضعه على الاستعانة بمجموعة
كبيرة ومفصلة من الوثائق والتقارير الإنجليزية التي جُمعت من سفارات وارشيفات ذات
صلة من الفترة التي تمّت فيها عملية التخطيط والتنفيذ لهذا الخط.
وشكلت هذه التقارير مادة حيّة
للباحث مؤلف الكتاب في فهم الجوانب التقنية والثقافية
والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تقف وراء هذا الخط.
وتطرق المؤلف إلى أبرز النتائج
الناجمة عن هذا المشروع سواء الايجابية منها أو السلبية وردود الفعل والتأثير للخط
على البيئة والمجتمعات القبائلية التي كانت يمر بها او بالقرب منها. لا شك في ان
دراسة كهذه تشكل إضافة قوية وعميقة وذات قيمة كبيرة في دراسة مشروع مركزي هام
نفذته الدولة العثمانية في المنطقة العربية في أواخر عهدها. ويمكن أن ندرك من خلال
استعراض الكتاب ان هذا المشروع، مد الخط الحديديد الحجازي، قد ساهم او لنقل سرّع
في دفع الدول الاستعمارية لوضع نهاية للدولة العثمانية.
ويحتوي الكتاب على تفاصيل ومعطيات كثيرة سواء معلومات أو ارقام وجداول واحصائيات تخصّ مشروع مد الخط وتكاليفه والمسافات والابعاد بين محطات قطاره وتكاليف انشائه. قد لا تثير هذه الأرقام عاطفة القارئ العادي ولكنها تثير اعجاب الباحث المهتم بالموضوع، والقارئ المتخصص بالقراءة النقدية بأن دولة في أواخر عمرها قد بدأت تصحو صحوة ذات ميزة خاصة، على مشروع كان بإمكانه أنْ يوفر لها مكانًا قويًا في المنطقة.
ويحتوي الكتاب على تفاصيل ومعطيات كثيرة سواء معلومات أو ارقام وجداول واحصائيات تخصّ مشروع مد الخط وتكاليفه والمسافات والابعاد بين محطات قطاره وتكاليف انشائه. قد لا تثير هذه الأرقام عاطفة القارئ العادي ولكنها تثير اعجاب الباحث المهتم بالموضوع، والقارئ المتخصص بالقراءة النقدية بأن دولة في أواخر عمرها قد بدأت تصحو صحوة ذات ميزة خاصة، على مشروع كان بإمكانه أنْ يوفر لها مكانًا قويًا في المنطقة.
ومن أبرز عناوين الكتاب الداخلي:
تاريخ السكك الحديدية وخطوط سكة حديد الحجاز الرئيسية، السكك الحديدية العثمانية قبل العهد الجمهوري. السكك الحديدية التي تمّ إنشاؤها قبل الحرب العالمية الأولى. السكك الحديدية التي تمّ إنشاؤها بعد الحرب العالمية الأولى. فكرة إنشاء خط حديد الحجاز. دوافع إنشاء خط حديد الحجاز... التكلفة المالية. خطوط سكة حديد الحجاز ومرافقها....السمات العامة لخط الحجاز، القاطرات والمقطورات... الطرق السياحية...نظرة البدو لخط الحديد...مسارات الخط(من دمشق وحتى الحجاز)، وخط درعا حيفا ...فروع الخط...مصادر الأرشيف... الدراسات والمصادر.
تاريخ السكك الحديدية وخطوط سكة حديد الحجاز الرئيسية، السكك الحديدية العثمانية قبل العهد الجمهوري. السكك الحديدية التي تمّ إنشاؤها قبل الحرب العالمية الأولى. السكك الحديدية التي تمّ إنشاؤها بعد الحرب العالمية الأولى. فكرة إنشاء خط حديد الحجاز. دوافع إنشاء خط حديد الحجاز... التكلفة المالية. خطوط سكة حديد الحجاز ومرافقها....السمات العامة لخط الحجاز، القاطرات والمقطورات... الطرق السياحية...نظرة البدو لخط الحديد...مسارات الخط(من دمشق وحتى الحجاز)، وخط درعا حيفا ...فروع الخط...مصادر الأرشيف... الدراسات والمصادر.
ولقد أرفق المؤلف في نهاية كتابه
مجموعة من الصور والخرائط التوضيحية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق